وذهب بعض النحويين (١) إلى أن {لَا} رد لكلام سابق، ومعنى {جَرَمَ}: كَسَب، وفاعله مضمر تقديره: كَسَبَ فِعْلُهُم أنهم في الآخرة هم الأخسرون، وكذلك قوله {لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ} النحل: ٦٢، ومنه قول الشاعر (٢):
ولقد طعنتُ أبا عيينةَ طعنةً ... جَرَمَتْ فَزَارةَ بعدها أن يغضبوا
وقيل: معنى (٣) {جَرَمَ}: قَطَع، أي: لا قَطَعَ قَاطعٌ عن ذلك.
وقال بعضهم: {جَرَمَ} اسم بني مع {لَا} على الفتح، كقوله (٤): لا بُدَّ ولا محالة.
وروي عن العرب: لا جرم إنه، بالكسر.
وروي أيضاً: لا جر أنه (٥)، بحذف الميم.
وقيل: {لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ} في محل رفع، كما تقول: حقاً إنه كذا.
{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا} تواضعوا وخشعوا.
ابن عباس رضي الله عنهما: أنابوا (٦).
وقيل: اطمأنوا.
وقيل: سكنت جوارحهم.
واشتقاقه من: الخبت، وهي (٧) الأرض المنخفضة، وقيل: المستوية، كما تقول: أَنْجَد وأَتْهَم.
{إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٣)} و (إلى) واقع موقع اللام لما بينهما من القرب.
وقيل: قصدوا بإخباتهم إلى ربهم.
(١) منهم الفراء في «معاني القرآن» ٣/ ٤٦.
(٢) القائل: هو أبو أسماء بن الضَّرِيبة، كما في «لسان العرب» (جرم)، وقيل: عطية بن عُفيف، كما في «الخزانة» للبغدادي ١٠/ ٢٨٣ - ٢٩٢، وقد سبق تخريج البيت بتوسع في (ص ٧٨).
(٣) سقط قوله (معنى) من (ب).
(٤) في (ب): (كقولهم) وفي (د): (كقولك).
(٥) سقطت (أنه) من (ب).
(٦) أخرجه الطبري ١٢/ ٣٧٤.
(٧) في (ب): (وهو).