يريد أن يغويكم لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم.
{هُوَ رَبُّكُمْ} خالقكم، فيتصرف فيكم على قضية إرادته.
{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤)} بالموت والبعث فيجازيكم على أعمالكم.
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} يعني ما أخبر به محمد -صلى الله عليه وسلم-.
{قُلْ} يا محمد {إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} وبال جرمي وجزاؤه دونكم.
تقول: أجرم الرجل: إذا أذنب، والاسم: الجرم والذنب.
{وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥)} وليس علي من إجرامكم شيء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} يعني: نوحاً عليه السلام (١)، فيحتاج إلى إضمار، أي: فقلنا لنوح {قُلْ (٢) إِنِ افْتَرَيْتُهُ}، والأول أظهر وأنه اعتراض في خلال قصة نوح عليه السلام.
{وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} آيسه الله من إيمان قومه فدعا عليهم وقال: {لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} (٣) نوح: ٢٦.
{فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)} قيل: هذا خطاب له بعد الدعاء، لأنه لما دعا عليهم حزن واغتم.
وقيل: متصل بالأولى (٤).
(١) ذكره ابن حبيب في تفسيره (ق ١٠٦ ب)، وقال القرطبي ١١/ ١٠٧: (وقال ابن عباس: هو من محاورة نوحٍ لقومه. وهو أظهر، لأنه ليس قبله ولا بعده إلا ذكر نوح وقومه، فالخطاب منهم ولهم)، بينما ذهب الطبري ١٢/ ٣٨٩ وابن كثير ٧/ ٤٣٣ إلى أنه خطاب لمحمد -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) سقطت (قل) من (أ).
(٣) هنا ينتهي السقط الذي كان في (د) بمقدار ورقة، وتبدأ النسخة بقوله تعالى (فلا تبتئس) الآية.
(٤) يعني - والله أعلم- أن حزنه راجع إلى أنه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن، ويكون قصد الكرماني بالأولى: الآية الأولى، وليست الثانية التي هي الدعاء عليهم.