ويروى أن الصحابة قالوا: يا رسول الله: لو ينزل الله سورة ليس فيها أمر ولا نهي ولا وعد ولا وعيد فنتنزه بقراءتها وتنفتح بها قلوبنا، فأنزل الله هذه السورة (١).
وروي أيضاً: أن علماء اليهود قالوا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: سلوا صاحبكم محمداً: لماذا انتقل يعقوب من أرض كنعان إلى مصر؟ فأنزل الله هذه السورة (٢).
وروي أيضاً: أن اليهود افتخرت بأن في كتابنا قصة يوسف وليس ذلك في كتابكم، فأنزل الله قصة يوسف في سورة واحدة على أحسن ترتيب وأعجب نظام (٣).
(بسم الله الرحمن الرحيم) {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (١)} سبق بيان الحروف أول البقرة وغيرها.
وقوله {الْمُبِينِ (١)} أي: حلاله وحرامه وما تحتاجون إليه من أمر دينكم.
وأبان لازم ومتعد.
وقيل: ظاهر في نفسه أنه كلام الله.
وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: المبين للحروف التي سقطت من ألسن الأعاجم، وهي ستة، حكاه المفسرون (٤).
وأراد بالستة: الصاد والضاد والطاء والظاء والعين والحاء، وكذلك الثاء والقاف (٥)، وأما الذال المعجمة فلا تقع أيضاً في أوائل الكلم (٦) العجمية، وإذا وقع في الحشو والآخر: فمنهم من جعله دالا ومنهم من جعله ذالاً.
والمعنى: نبيّن بهذه الحروف أن هذا القرآن عربي وبلسانكم يا معشر العرب.
(١) ذكر نحوه أبو الليث السمرقندي في تفسيره ٢/ ١٧٨.
(٢) ذكره النحاس في «إعراب القرآن» ٢/ ٣١٤، والقرطبي ١١/ ٢٤٢.
(٣) ذكره الثعلبي (ص ٢٠١ - رسالة جامعية)، وأبو الليث السمرقندي ٢/ ١٧٨.
(٤) أخرجه الطبري ١٣/ ٦، وذكره الثعلبي (ص ١٨٥)، والماوردي ٣/ ٥.
(٥) وكذلك زادها الألوسي ١٢/ ١٧١ عن بعض الكتب المؤلفة في اللغة الفارسية.
(٦) سقطت كلمة (الكلم) من (ب).