وإنما قالوا ذلك لأنهم كلما دخلوا مصر كَعَمُوا (١) أفواه دوابهم كي لا تتناول من حروث الناس وكان قد عُرِفَ ذلك منهم، وقيل: لأنهم ردوا ما وجدوا في رحالهم وهذا لا يليق بالسراق.
قال الشيخ رحمه الله (٢): ويحتمل أن التقدير: تالله ما كنا سارقين ولقد علمتم ماجئنا لنفسد في الأرض، لتكون اليمين واقعة (٣) على فعلهم لا فعل غيرهم.
{قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ} فما عقوبة السارق، وقيل: ما جزاء السَّرَق (٤).
{إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ (٧٤)} في قولكم ما كنا سارقين.
{قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} أي: جزاؤه أَخْذُ مَنْ وجد في رحله رِقّاً فهو جزاءه عندنا، وكان عند آل يعقوب من يسرق يُسْتَرقُّ وعند أهل مصر أن يُضْرَبَ ويَغْرَم (٥)، وله تقديران من الإعراب:
الأول: {جَزَاؤُهُ} رفع بالابتداء {مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ} خبر المبتدأ، ولا بد من إضمار ليأتلفا، تصحيحه: جزاؤه استرقاق من وجد في رحله، أي: جزاؤه ذاته،
و{مَنْ} بمعنى الذي، والفاء في قوله: {فَهُوَ جَزَاؤُهُ} لعطف جملة على جملة.
والثاني: أن يكون {جَزَاؤُهُ} رفعاً بالابتداء، و {مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ} مبتدأ (٦) ثان، {فَهُوَ جَزَاؤُهُ} خبر (٧)، والعائد إلى المبتدأ الأول عين المبتدأ، كما تقول: زيد ضربت زيداً تريد ضربته، و {مَنْ} على هذا يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون شرطا، والفاء دخل للجزاء، ويجوز أن يكون بمعنى الذي والفاء دخل لتضمن المبتدأ معنى (٨) الشرط.
{كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥)} السارقين.
{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ} يريد المؤذن الزعيم، وقيل: ردوهم (٩) إلى مصر فبدأ يوسف واحداً بعد واحد.
{قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} لتزول الرِّيبة، ولو بدأ بوعاء أخيه لعلموا أنهم جعلوا (١٠) فيه.
(١) الكِعَامُ: شيءٌ يُجعل على فَمِ البعير، لئلا يعض أو يأكل.
انظر: «لسان العرب» (كعم).
(٢) قوله (قال الشيخ رحمه الله) لم يرد في (د)، وفي (ب) لم ترد كلمة (الشيخ) فقط، والمقصود به - والله أعلم - هو الكرماني، وإنما هذه العبارة من عمل النساخ.
(٣) في (د): ( ... اليمين على الواقعة على ... ).
(٤) في (ب): (ما جزاء السارق).
(٥) سقطت كلمة (ويغرم) من (ب).
(٦) في (ب): (ابتداء).
(٧) في (د): (خبره).
(٨) في (د): (بمعنى).
(٩) في (أ): (ردهم).
(١٠) في (ب): (جعلوه).