فذهب قتادة إلى جوازه، وأنكره غيره, وقالوا: إنما يكون العجب منا إذا شاهدنا ما لم نشاهد مثله ولم نعرف سببه، وهذا منتف عن الله عز وجل، قالوا: والمعنى: فعجب قولهم عندكم (١).
{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ} لأنهم أنكروا البعث.
{وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} هي جمع غُل (٢)، والغُلُّ: ما يجمع اليمين والعنق في القيد والتعذيب.
{وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٥)}.
{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ} الاستعجال: طلب التعجيل, والتعجيل: تقديم الشيء قبل وقته.
{بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ} بالعقوبة قبل العافية، وهو اختيار كثير من المفسرين (٣).
وقال بعضهم: بالشر قبل الخير.
وقيل: بالكفر قبل الإجابة.
ابن عيسى: يطلبون ما يسوؤهم من العذاب قبل الإحسان بالإنظار.
وقيل: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ}: بالعذاب، بقولهم: {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ} (٤) الشعراء: ١٨٧ , وقولهم: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا} الآية الأنفال: ٣٢.
قيل: {الْحَسَنَةِ}: التوحيد، أي: الله يدعوهم إلى التوحيد (٥) ليكرمهم وهم يستعجلون بالعذاب.
(١) القول الأول هو الصحيح، قال الإمام الكرجي القصاب (ت ٣٦٠ هـ) في كتابه: «نكت القرآن» ١/ ٦٢٩: (قوله تعالى (وإن تعجب فعجب قولهم) رد على الجهمية، إذ قد عجب -جل وتعالى- من كفرهم بالبعث، والعجب عندهم منفي عنه من أجل أنه من صفات المخلوقين، وقد حكاه عن نفسه= =-جل وتعالى- كما ترى، وليس شيء من صفاته مخلوقاً وإن شاركه المخلوق فيه بالاسم، إذ هو من المخلوق مخلوق، ومنه - جل وتعالى- غير مخلوق).
(٢) سقطت (هي) من (ب)، وسقطت (غل) من (د).
(٣) انظر: الطبري ١٣/ ٤٣٤ - ٤٣٥، والواحدي في «البسيط» (ص ٦٦٦).
(٤) في (ب): (من العذاب).
(٥) حصل سقط هنا عند كلمة التوحيد إلى كلمة التوحيد التالية، فجاء النص في (ب) فقط كالتالي: (يدعوهم إلى التوحيد وقيل معنى (قبل) هاهنا ... ).