{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} أعلم، وتَأَذَّنَ وآذن بمعنىً، كتَوَعَّدَ وأَوْعَد (١)، وهو عطف على كلام موسى عليه السلام لقومه.
وقيل: {تَأَذَّنَ} قال، وقيل: سمع.
{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} أي: إن شكرتم ما أنعمت به عليكم في قوله
{اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} إبراهيم: ٦ لأزيدنَّكم نعمة إلى نعمة.
{وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ} جحدتم حقِّي وحقَّ نعمتي.
{إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧)} يريد في الدنيا بسلب النعمة وفي العقبى بالنار والنكال.
{وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (٨)} أي: هو غني عن عبادتكم، حميد يحمده (٢) أهل السموات والأرض.
وقيل: {حَمِيدٌ} بإحسانه لمن عبده.
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ} للمفسرين فيه قولان (٣):
أحدهما: أن هذا من كلام موسى لقومه.
والثاني: أنه خطاب محمد، عليهما السلام.
{وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ} لكثرتهم، ولا يعرف رسلهم إلا الله وحده.
وأكثر المفسرين رووا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عند نزول هذه الآية: (كَذَب النَّسَّابون) (٤).
{جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} بالمعجزات التي تثبت (٥) بها نبوَّتهم ووجبت إجابتهم، ثم لم يؤمنوا، وهو (٦) قوله:
{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ} وفيها أقوال (٧):
أحدها: أن الضميرين يعودان إلى الكفرة، أي: رد القوم أيديهم في أفواههم غيظاً عليهم بها (٨)، كقوله: {عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} آل عمران: ١١٩، وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه (٩).
(١) في (ب): (وآذن وتأذن بمعنى واحد كوعد وأوعد).
(٢) في (د): (حمده).
(٣) في (ب): ( ... فيه أقوال).
وانظر: «الجامع لأحكام القرآن» ١٢/ ١١٠، و «لباب التأويل» للخازن ٣/ ٧٠.
(٤) ذكره الكلبي في «جمهرة النسب» (ص ١٧) ومن طريقه أخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٥٦، وخليفة بن خياط في «الطبقات» ١/ ٣، وحكم عليه الشيخ الألباني في «السلسلة الضعيفة» (حديث ١١١) بأنه موضوع.
(٥) في (د): (بينت).
(٦) سقطت (وهو) من (ب).
(٧) انظر: الطبري ١٣/ ٦٠٤، والماوردي ٣/ ١٢٤، والواحدي في «البسيط» (ص ١٩١ - رسالة جامعية)، والقرطبي ١٢/ ١١١.
(٨) سقطت (بها) من (د).
(٩) أخرجه عبدالرزاق ١/ ٣٤١، والطبري ١٣/ ٦٠٥.