خزيُهم (١) أنَّه لا يمكنُهم دخولُ دار الإسلام إلَّا بأمانٍ فإذا دخلوا بغيرِ أمانٍ قُتِلوا.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: ومَنْ أظلمُ ممَّن خرَّبَ بالشَّهواتِ أوطانَ العبادة (٢)، وهي نفوسُ العابدين، وخرَّبَ بالمُنى والعلاقاتِ أوطانَ المعرفة، وهي قلوبُ العارفين، وخرَّب بالحظوظ والمساكنات أوطانَ المحبَّة، وهي أرواحُ الواجِدين، وخرَّب بالالتفاتِ إلى القُرُبات أوطانَ المشاهدات، وهي أسرار الموحِّدين (٣).
* * *
(١١٥) - {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} وانتظامُها بما قبلها أنَّ معناه: لا يَمنعْكُم تخريبُ مَن خرَّبَ المساجدَ أن تُصلُّوا له حيث كنتُم، فلله (٤) المشارقُ والمغارب، وأينما تَوجَّهتُم ففيه رضاءُ اللَّه تعالى.
و"أينما" كلمةُ شرطٍ، وهي جازمةٌ، وعلامة الجزم هاهنا سقوطُ النُّون.
و {تُوَلُّوا} أي: توجِّهوا وجوهَكم، والتَّوليةُ متعدِّيةٌ (٥)، وجوهكم مضمره، وقوله: {فَثَمَّ}؛ أي: هناك.
وقوله: {وَجْهُ اللَّهِ}؛ أي: قبلةُ اللَّه، فإنَّ الوجهَ والوِجهةَ والجِهةَ بمعنًى (٦)، والقبلةُ تسمَّى بذلك؛ لورودِ الأمر بالتوجُّه إليها.
(١) من هنا خرم في النسخة (ر) بمقدار ورقة واحدة، وينتهي عند قوله الآتي: "كذلك قال أي اقترح".
(٢) في (ف): "العبادات".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (١/ ١١٦ - ١١٧).
(٤) في (ف): "فله".
(٥) بعدها في (ف): "وقوله".
(٦) بعدها في (ف): "القبلة".