مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} (١) الرعد: ١٩ الآيات، وستٌّ في (سورة: قد أفلح) (٢) إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ} المؤمنون: ١٠، وستٌّ في أوَّل سورة البقرة: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} البقرة: ٢ إلى قوله: {هُمُ الْمُفْلِحُونَ} البقرة: ٥.
وقيل: الكلماتُ: هي الدَّعوات المحكيَّةُ عنه في القرآن: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} (٣) إبراهيم: ٤١، {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} الشعراء: ٨٧، ونحو ذلك.
وقيل: هي الأوامرُ والنَّواهي؛ لأنَّها بالكلام.
وقوله تعالى: {فَأَتَمَّهُنَّ} أي: أتمَّ إبراهيمُ أداءَهنَّ.
وقيل: أي: فأتمَّهنَّ اللَّه تعالى لإبراهيم، ولم يُتمَّها لأحدٍ قبله.
وقيل: ابتلاهُ بكلماتٍ؛ أي: امتحنَه بالشَّدائد والمكاره، كإلقائه في النَّار، وإسكانِ ولده بوادٍ غير ذي زرعٍ ولا ماءٍ، والأمرِ بذبحِ الولدِ، والهجرةِ من بلادِ قومه، ومحاجَّةِ الكفرةِ عبدةِ الشَّمسِ والقمر والكواكب، ومحاجَّةِ نمرود، سمَّاها كلمات؛ لأنَّها أعاجيب، وقيل لعيسى: كلمة اللَّه تعالى لذلك.
{فَأَتَمَّهُنَّ} أي: استسلم للَّه تعالى فيهنَّ، وصبرَ عليهنَّ.
قال الحسن: ابتلاهُ اللَّه بهذه الأشياء فأتمَّهنَّ، فشكرَها اللَّهُ تعالى له (٤)، فقال تعالى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}؛ أي: رسولًا يَقتدِي بك جميعُ مَن بعدك.
والإمام: فِعَالٌ، مِن الأَمِّ؛ أي: القصد، والمقتدي يَقْصِدُ قَصْدَ المُقتَدَى ويتَّبعه،
(١) قوله: "كمن هو أعمى" من (أ).
(٢) في (أ): "في أول سورة قد أفلح المؤمنون".
(٣) في النسخ الخطية: "رب". والمثبت هو الصواب.
(٤) أخرج الطبري نحوه في "تفسيره" (٢/ ٥٠٥ - ٥٠٦).