والثاني: أنَّه أراد أن يجعلَ ذلك آيةً تُرَغِّبُ (١) الكفَّارَ في الإسلام.
والثالث: أَنَّه لمَّا عَمَّ سؤالَ الإمامة، فقال: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي}؟ أُجِيب بقوله: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}، فتأدَّب، ولم يَعُمَّ في سؤالِ (٢) سَعَة الرِّزق، بل خَصَّ كما خَصَّ اللَّهُ تعالى له في إجابة سؤال الإمامة.
والرابع: ما قال (٣) الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: فلعلَّه خشي أن يخرج ذلك مخرج المعونةِ لهم على العصيان، وفي ذلك دليلٌ على أَنَّه لا بأس ببيعِ الطَّعام مِنَ الكفَرة (٤).
وقوله تعالى: {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} أي: قال اللَّه تعالى: والذي كفرَ لا أمنعُهُ عن هذا.
وقوله تعالى: {قَالَ وَمَنْ كَفَرَ} أي: أرزقُهُ الثَّمراتِ أيضًا كما أرزقُ المؤمنَ، أخبرَهُ أنَّ أمْرَ الرِّزق ليس كأمْرِ الإمامة، فأعلمه أنَّ الدنيا ومتاعَها بأسرِها لا خطرَ لها.
وقوله {قَلِيلًا} أي: متاعًا قليلًا، هو نعتُ مصدرٍ محذوفٍ دلَّ عليه الفعلُ المذكور، وأصلُ المتاع فسَّرناهُ في قوله تعالى: {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} البقرة: ٣٦.
وقيل: أُمَتِّعه زمانًا قليلًا، والدنيا كلُّها قليلة، ومدَّتها كذلك، وقوله: {فَأُمَتِّعُهُ} قراءةُ ابن عامر بالتخفيف؛ مِن: أمتَع يُمتِع؛ أي: جعلَهُ (٥) ذا متاعٍ، وقراءةُ الباقين بالتَّشديد (٦)، ومعناه: أُمهِلهُ و (٧) أُعطيه المتاع.
(١) في النسخ الخطية: "أنه يرغب"، والمثبت هو الصواب. انظر "تأويلات أهل السنة" (١/ ٥٦٣).
(٢) في (ر) و (ف): "سؤاله".
(٣) في (ف): "قاله".
(٤) انظر "تأويلات أهل السنة" للماتريدي (١/ ٥٦٣).
(٥) في (ر): "أجعله".
(٦) انظر: "السبعة" (ص: ١٧٠)، و"التيسير" (ص: ٧٦).
(٧) في (أ): "أو".