وقال القفَّال: يُعلِّمهمُ الكتابَ المنزلَ، والوجوهَ (١) التي بها يُدرِكون صوابَ القولِ والعمل، فإنَّ الحكمةَ هي ذلك.
وقوله تعالى: {وَيُزَكِّيهِمْ} قال ابن عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: أي: بِأخْذِ زكاةِ أموالهم (٢).
ويجوز أن يكون معناه: يُطَهِّرهم عن الآثام بأخذ زكواتهم، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} التوبة: ١٠٣.
وقيل: يزكِّيهم؛ أي: يدعوهم إلى ما به زكاةُ أنفسِهم؛ أي: نماؤها وطُهرُها.
وقيل: أي: يَجعلُهم أزكياءَ بالعمل الصَّالح الذي يَدعوهم إليها، ويحملهم عليها، ثمَّ هذا بخلافِ المذكور في قوله تعالى: {بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} النساء: ٤٩، ذاك مِن اللَّه تعالى في العبد (٣): التَّخليقُ والإيجاد، وهذا من الرَّسول: الدعوةُ والإرشاد.
وقيل: ويزكِّيهم؛ أي: يُعَدِّلُهم يومَ القيامةِ عند الشَّهادة للأنبياء.
وقال ابنُ جُرَيج: يطهِّرهم من الشِّرك (٤)، قال تعالى: {فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى} النازعات: ١٨؛ أي: تتطهَّر بالإسلام.
وقال محمد بن عليٍّ التِّرمذيُّ: أي: ينمِّيهم، فأنماهم حتَّى صاروا أئمَّة الهدى، فبَليت أجسادُهم، وبَقيت آثارُهم (٥).
(١) في (ر): "والحكمة" بدل: "والوجوه".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥٧٧).
(٣) لفظ: "العبد" ليس في (أ).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٢/ ٥٧٨).
(٥) في (ر): "أخبارهم".