لأنَّ الإبداءَ قولٌ.
وقوله: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ} أي: اختارَ لكم الدِّين، والألف واللام ليس للاستغراق، بل لتعريفِ المعهود، وله ثلاثةُ أوجه:
أحدها: أنَّه أُريدَ به الإسلام؛ لأنَّ الدِّينَ عند اللَّهِ الإسلامُ، وهو الدِّينُ المطلقُ المرضيُّ المشروعُ المأمورُ به.
والثَّاني: أنَّه بدلُ الإضافة، وهو مضافٌ إليهم؛ أي: اختارَ لكم دينكم الذي تَدينون به، وهو دينُ الإسلام (١) أيضًا.
والثَّالث: أنَّه مضافٌ إلى اللَّه؛ أي: اختارَ لكم دينَه، وهو دينُ الإسلام أيضًا.
وقولُه تعالى: {فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} أي: دوموا على الإسلام، حتَّى إذا أدركَكُم الموتُ وجدَكم مسلمين.
وقيل: أي: لا تموتوا إلَّا منقادين مفوِّضين الأمرَ إلى اللَّه.
وقال الفضيلُ بنُ عياض: أي: لا تَموتُنَّ (٢) إلَّا وأنتم محسنون بربِّكم الظَّنَّ (٣).
قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يموتنَّ أحدُكم إلَّا وهو يحسن الظنَّ باللَّه (٤)، فإنَّ قومًا أساؤوا بربِّهم الظنَّ فهلكوا"، قال اللَّه تعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} فصلت: ٢٣ (٥).
(١) بعدها في (أ): "لأن الدين"، وهي مقحمة.
(٢) في (أ): "تموتوا".
(٣) انظر "تفسير الثعلبي" (١/ ٢٨١).
(٤) في (أ): "بربه".
(٥) رواه أحمد في "مسنده" (١٥١٩٧) من حديث جابر رضي اللَّه عنه، وفي إسناده النضر بن إسماعيل =