حسنِ هذا الاسم لكم، وحسن هذا الجزاءِ منِّي؛ ليسهلَ عليكم الأداءُ والرِّضا.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} أي: بمعونتهم ونُصرَتهم.
وقيل: أي: يُظهِر دينَهم على سائر الأديان؛ لأنَّ مَن كان اللَّهُ معه فهو الغالبُ، وهو أشرفُ رتبةٍ، وأجلُّ وعدٍ (١)، قال اللَّه تعالى لموسى وهارون: {إِنَّنِي مَعَكُمَا} طه: ٤٦، وقال لبني إسرائيل: {إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ} (٢) الآية المائدة: ١٢، وقال موسى: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي} الشعراء: ٦٢، وقال نبيُّنا عليه الصلاة والسلام في الغار: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} التوبة: ٤٠، وقال اللَّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} النحل: ١٢٨، وقال اللَّه تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} الأنفال: ١٩.
* * *
(١٥٤) - {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ} فيه إضمارٌ؛ أي: هم أموات.
وقوله تعالى: {بَلْ أَحْيَاءٌ}؛ أي: بل هم أحياءٌ، والقتلُ نقضُ البِنيَةِ الحيوانيَّة، وسبيلُ اللَّه: هو الجهاد؛ لأنَّه طريقٌ إلى ثواب اللَّه ورحمتِه.
وقوله تعالى: {وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}؛ أي: لا تعلمون حقيقةَ حياتِهِم بعد زُهوق أرواحهم.
وقال القشيريُّ رحمه اللَّه: لئن فَنِيَت في اللَّه أشباحُهم، لقد بَقيَت باللَّه أرواحُهم،
(١) في (أ): "وعدة".
(٢) قبلها في (أ): "وقال اللَّه".