وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} أي: قتلَ قاتلَ وليِّه بعد العفوِ أو الصلح، وتعدَّى بذلك (١) حدَّ الشرع.
وقوله تعالى: {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} هو القصاصُ في الدُّنيا، والعقابُ في العُقْبى.
* * *
(١٧٩) - {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} أي: في شرعِه واستيفائه، فإنَّ مَن قصدَ قتلَ إنسانٍ، وعلم أنَّه يُقتَلُ به قصاصًا، امتنعَ عن قتلِه، فيبقى (٢) المقصودُ بقتله حيًّا، وكذا مَن قتل إنسانًا، وعلِمَ أنَّ أولياءَه يقتلونه تَشفِّيًا، فيقتلُهم لئلَّا يقتلوه، فإذا قُتِلَ قصاصًا بقوا أحياءً، وهي حياةٌ معنويَّة.
وقوله تعالى: {يَاأُولِي الْأَلْبَابِ} أي: العقلاء، وهم المدركون وجوهَ الحكمة بالتَّفكُّر، فحضَّهم بذلك على التدبُّر (٣).
وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} له وجهان:
أحدهما: لتتَّقوا القصاصَ، فتكفُّوا عن القتل.
والثاني: لتتَّقوا القتلَ حذرًا مِن القصاص.
وروى أسباطُ عن السُّدِّيِّ قال في قوله {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} البقرة: ١٧٩، قال: نهانا أن نقتلَ إلَّا القاتلَ بجنايته (٤)، معناه أنَّ أهلَ الجاهلية كانوا يَقتلون
(١) في (ر) و (ف): "بعد ذلك" بدل: "بذلك".
(٢) في (ر): "فبقي".
(٣) في (ر) و (ف): "التدين".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٣/ ١٢٣)، ونص قوله ثمة: بقاء، لا يقتل إلا القاتل بجنايته.