البقرة: ١٨٢؛ أي: أجرى بين الوَرثةِ وأصحاب الوصايا صُلْحًا بتراضيهم.
وقيل: هذا في حال حياةِ الموصي؛ يعني: فمن حضرَ وصيَّتَهُ، فرآهُ يخالِفُ الشَّرعَ، {فَأَصْلَحَ} أي: نهاهُ عن ذلك، وحملَهُ على الصلاح، {فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} أي: على هذا الموصِي بما قالَ أوَّلًا، ثمَّ تركَهُ وعادَ إلى الأمر المشروع.
وكلُّ ذلك صحيح، ويجوزُ أن يكون ذلك كلُّه مرادًا بالآية في مختلَفِ الأحوال (١)، {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}؛ أي: غفورٌ للموصي إذا رجعَ إلى (٢) الحقِّ، رحيمٌ بالوَصيِّ إذا أصلحَ الأمرَ.
* * *
(١٨٣) - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} اتِّصالُه بما قبله من وجوه:
أحدها: أنَّه ذكرَ كتابةَ القِصاص، ثمَّ كتابةَ الوصيَّةِ، ثمَّ كتابةَ الصِّيام، والجامعُ بينهما الكتابة.
والثاني: أنَّ الجامعَ بينهما التَّقوى، قال في ذكر أصول الدِّين وفروعِه في آخر الآية: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} البقرة: ١٧٧، وقال في القِصاص بعده: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة: ١٧٩، وقال في الوصيَّة: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} البقرة: ١٨٠، وقال في الصوم: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
والثالث: أنَّ الوصيَّةَ قربةٌ بالمال، والصِّيامَ عبادةٌ بالبدن.
(١) بعدها في (أ): "قوله تعالى".
(٢) لفظ: "إلى" من (ر).