ثلاث. وقيل: إلى ستٍّ، سُمِّيَ به لأنَّ الناس يرفعون أصواتَهم عند رؤيتِه، ومنه استهلالُ الصَّبيِّ، والإهلالُ بالحجِّ، ومنه ما أُهِلَّ به لغير اللَّه تعالى.
يقول: يسألونك يا محمد عن الأهلة (١).
وقوله تعالى: {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} هي جمع ميقات، وهو الوقت (٢)، وهي كالمواعيد جمعُ ميعاد، والموازين جمعُ ميزان؛ أي: هي آجالُ الناسِ في ديونِهم، وعقودِ سَلَمِهم، وأثمانِ بياعاتِهم، ومددٌ (٣) لإجاراتِهم، وعِددٌ لنسائهم، ومقاديرُ لما قدَّروا لأيمانِهم، وغير ذلك من حقوق الخلق، وكذا حقوقُ اللَّه تعالى؛ من الصِّيام والفطرِ والأضحى، والزَّكاة، والحجِّ وأمورِهِ المتعلِّقةِ بأوقاتٍ مخصوصةٍ.
وخصَّ مِن بين العبادات الحجَّ لأنَّه أهمُّ وأشقّ، ودلَّ ذلك (٤) على غيرِه مِن هذه الأمور، ثمَّ بيَّن وقتَ الحجِّ مِن الشُّهور، فقال: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} البقرة: ١٩٧، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} يونس: ٥.
ثمَّ الشَّمسُ على حالةٍ واحدةٍ؛ لأنَّها ضياءٌ للعالَم، وقَوامٌ لمصالح النَّاس، والقمرُ يتغيَّر؛ لأنَّ اللَّه تعالى علَّق به ما قُلنا من المواقيت، وذلك يُعرَفُ بهذه الاختلافات، ودبَّر (٥) اللَّهُ عزَّ وجلَّ هذا التدبيرَ العجيبَ لحاجةِ النَّاس إلى ذلك.
وقوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} ظاهرُ هذا لا يُلائمُ ما
(١) "يقول يسألونك يا محمد عن الأهلة" زيادة من (أ).
(٢) في (أ): "وهي كالوقت" بدل "وهو الوقت".
(٣) في (ف): "وأمد".
(٤) في (ر): "وذلك دليل" بدل: "ودل ذلك".
(٥) في (ر): "ودبره".