وهو الفحشُ مِن الكلام أيضًا، قال الشاعر:
ورَبِّ أسرابِ حجيجٍ كُظَّم (١) ... عنِ اللَّغا ورَفَثِ التَّكلُّم (٢)
وقال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا كان يومُ صوم أحدِكم، فلا يَرفُث، ولا يَجهل، فإن امرؤ شاتَمهُ فليَقل: إنِّي صائم" (٣).
وجملتُه أنَّه هو الجماعُ وما دونَهُ مِن شأنِ النساءِ ممَّا يُفضِي إلى ذلك، وقد رُوي أنَّ ابنَ عبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما قال وهو مُحرمٌ:
فهنَّ يمشينَ بنا هَمِيسا... إنْ تَصدُقِ الطَّيرُ نَنِكْ لَمِيسَا
فقال أبو العالية: أترفُثُ وأنت محرِمٌ؟! قال: ذلك بحضرةِ النِّساء (٤).
والحاصلُ أنَّ الجِماعَ محظورُ الإحرام، وهو قبلَ الوقوفِ بعرفةَ مفسدٌ، وبعدَه موجبٌ البَدنةَ، وحُرِّمَت دواعيه؛ لئلَّا يقعَ فيه.
وقوله تعالى: {وَلَا فُسُوقَ} أي: فلا (٥) يفسق، وأصلُه: الخروجُ عن الطَّاعة، وتكلَّموا في المراد به هاهنا.
قيل: هو السِّباب، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سِبابُ المسلمِ فسوقٌ" (٦)، وقال اللَّه تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} الحجرات: ١١، فجعلَ التَّنابزَ بالألقابِ فسوقًا.
(١) البيت الأول من الرجز لم يرد في (أ).
(٢) الرجز للعجَّاج، وهو في "ديوانه": (١/ ٤٥٦).
(٣) رواه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٣/ ٤٥٩).
(٥) في (ر) و (ف): "لا".
(٦) رواه البخاري (٤٨)، ومسلم (٦٤) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه.