رضي اللَّه عنهما، وقوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} (١): فبعثَ اللَّهُ تعالى الرُّسلَ بالدِّين الحقِّ (٢).
ثمَّ في قولِه تعالى: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ} الزخرف: ٣٣ هذا في الكفر، وقولِه تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} يونس: ١٩ هذا على الإسلام.
وأصل الأمَّةِ في اللُّغةِ: القومُ المجتمعون على الشيءِ، يَقتدي بعضُهم ببعض، وهو مأخوذٌ من الائتمام، وقد (٣) يجتمعون على الحقِّ، وقد يجتمعون على الباطل، وأمَّةُ محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- هم المقتدونَ به، المجتمعون على الحقِّ.
ويقال أيضًا للذين بُعِثَ فيهم محمَّدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم-: أمَّتُه، وهم أمَّةُ دعوتِه، لجمعِ الدَّعوةِ إيَّاهم إلى أن تفرَّقَ بهم الإجابة.
وفي مصحف عبد اللَّه بنِ مسعودٍ رضي اللَّه عنه: (كان النَّاسُ أمَّةً واحدةً فاختلفوا فبعث اللَّه النبيين) (٤)، وهذا يدلُّ على أنَّهم كانوا على الحقِّ، ويدلُّ عليه ما بعده: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ}، وتقديرُه: كان النَّاسُ في أوَّلِ أمرِهم مجتمعين على الحقِّ، فاختلفوا بعد ذلك، فأَوجتِ الحكمةُ بعثَ النَّبيِّين لتعريف الدِّين الحقِّ.
وقوله تعالى: {مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}؛ أي: ليبشِّروا مَن أطاع بالجِنان، وليُنذروا مَن عصى بالنِّيران.
(١) "وقوله تعالى: {فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} " من (ر).
(٢) لفظ: "الحق" من (أ).
(٣) في (ر): "وقيل".
(٤) ذكرها الطبري في "تفسيره" (٣/ ٦٢١)، والكرماني في "شواذ القراءات" (ص: ٨٩).