وكعبُ الأحبار روَى عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولكنه مرسل؛ لأنه لم يلقَ النبيَّ ولم يَسمع منه، وعن عمرَ، وصهيبٍ، والسيدةِ عائشةَ، وروَى عنه من الصحابةِ معاويةُ وأبو هريرةَ وابنُ عباسٍ، وعطاءُ بن أبي رباحٍ وغيرُه من التابعين. وقد أثنى عليه العلماءُ، وكان قبلَ إسلامه يهوديًّا عالمًا بكتبهم وثقافتِهم، حتى قيل له: كعبٌ الحبرُ، وكعبُ الأحبارِ.
ويمكن تقسيمُ الإسرائيلياتِ إلى ثلاثةِ أقسامٍ لا حجةَ في ذكرِ أيٍّ منها:
فمنها: ما علِمنا صحته بشرعنا، فما جاء به شرعُنا أولَى بالذكر.
ومنها: ما علِمنا كذبَه لكونه خالفَ ما عندنا، فلا يجوزُ ذكره.
ومنها: ما هو مسكوت عنه، فلا نكذِّبه ولا نصدِّقه، وتَجوزُ حكايتُه، لكنْ لا فائدةَ فيه تعودُ على الدِّين، وإنما لجأ إليه كثير من المفسِّرين لملءِ الفراغاتِ التي يتركُها القرآنُ في القصص بأسلوبِه المعجِز المترفِّع عن إيرادِ التفصيلات التي لا لزومَ لها، بل قد تشتِّت الذهنَ وتصرفُ عن العبرة التي سِيقت القصة لأجلها.
وينبغي الاعترافُ أنَّ هذا التفسيرَ من التفاسيرِ التي وقع فيها ذكرُ الكثير من الإسرائيليات، وغالبُه نسبه المؤلِّف رحمه اللَّه لوهبِ بن منبِّهٍ، وبعضُه عن كعبِ الأحبار.
ويجب التنبيهُ هنا إلى ملاحظة مهمة أشار إليها أبو شهبة رحمه اللَّه، وهي أن مَن أورد الإسرائيليات وعزاها لكعبِ الأحبارِ أو وهبِ بن منبِّهٍ أو عبدِ اللَّه بن سلام وأضرابهم، فإنه قد دلَّ بعزوِها إليهم أنها مما حملوه وتلقَّوه عن كتبِهم ورؤسائهم قبل إسلامهم، ثم لم يَزالوا يذكرونه بعد إسلامهم، وأنها ليستْ مما تلقَّوه عن النبيِّ