وقيل: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} يرجعُ إلى جميع ما ذُكرَ مِن الأحكام؛ قيل (١): هذا من الخمرِ والميسر إلى هاهنا، ويجوزُ أن ينصرفَ إلى ما قبل ذلك أيضًا.
* * *
(٢٣٠) - {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا}؛ أي: الطَّلقةَ الثَّالثة.
وقوله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}؛ أي: حَرُمت على زوجِها المطلِّق ثلاثًا، فلا يحلُّ له نكاحُها إلى غايةٍ، وهي أنْ تَنكِحَ هي (٢) زوجًا غيرَه.
قيل: هذا النِّكاحُ هو التزوُّج. وقوله: {زَوْجًا}؛ أي: رجلًا أجنبيًّا، سمَّاه زوجًا؛ لأنَّه بالعقدِ يَصيرُ زوجًا، فسمَّاه باسم العاقبة، كما في قوله: {أَعْصِرُ خَمْرًا} يوسف: ٣٦.
وقوله: {تَنْكِحَ} دلَّ أنَّ لها أنْ تُزوِّجَ نفسَها، والنكاح يَنعقدُ بعبارتها، وبه قال أصحابُنا رحمهم اللَّه، خلافًا للشافعيِّ.
ثمَّ ظاهرُ النَّصِّ يدلُّ على إنهاءِ (٣) الحرمةِ بالعقد، ورويَ أنَّ سعيدَ بنَ المسيَّب كان يقولُ بذلك.
وقولُ (٤) عامَّة الصَّحابة والتَّابعين ومَن بعدهم مِن عُلماء الدِّين على أنَّ الحِلَّ لا يَثبُتُ بدون دخولِ الزَّوج الثَّاني بها.
(١) في (ر): "قبل".
(٢) لفظ: "هي" من (أ).
(٣) في (ر): "انتهاء".
(٤) في (أ): "به لكن قول" بدل من "بذلك وقول".