وهذا ليس بشرطِ صحَّة النِّكاحِ حُكمًا، لكن بيانٌ أنَّ إطلاقَ الشَّرعِ لهما، ورفعَ الإثم عنهما؛ في هذه الحالة، فأمَّا إذا قصدا غيرَ ذلك فهما آثمان.
وقوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}؛ أي: أحكامُ اللَّه تعالى، ومعالمُ شرعِه.
وقوله تعالى: {يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}؛ أي: يَنتفِعُ بها مَن يَعلم؛ أي: يَتدبَّرُ ليَعلمَ أنَّ اللَّهَ تعالى أراد ببيانِه صلاحَهم في الدُّنيا والآخرة. ويَرجعُ قوله: {حُدُودُ اللَّهِ} إلى جميعِ أحكامِ النِّكاحِ التي مرَّت في هذه الآيات.
* * *
(٢٣١) - {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
وقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}؛ أي: نساءَكم، فالألفُ واللامُ بدلُ الإضافة.
وقوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}؛ أي: فقارَبْنَ مضيَّ العِدَّة. والأجلُ: الوقتُ المضروبُ مدَّةً للشَّيء، والبلوغُ: المقاربةُ هاهنا، كما يَقول (١) من قارب البلد: قد بلغناهُ، ويقولُ الرَّجلُ لآخر: إذا بلغتَ مكَّةَ فاغتَسِل بذي طُوى.
وقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}؛ أي: راجعوهنَّ بالجميل، والمعروفُ: ما ألِفتهُ العقولُ، واستحْسَنتهُ (٢) النُّفوس، وضدُّه المنكر، وهو: ما نَفرَت منه العقولُ، واستقبحَتهُ النُّفوس عرفًا وعادةً، والمرادُ به هاهنا حسنُ المعاشرة.
(١) في (ر) و (ف): "يقال".
(٢) في (أ): "وعرفته".