وقوله تعالى: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} "أن" مع الفعل مصدرٌ، وتقديرُه: والعفوُ منكم أقربُ إلى التَّقوى.
وقيل: هو خطابُ الأزواج، وكذا قوله: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} ندبَ الزَّوجَ إلى إكمال المهرِ؛ إظهارًا للمروءة، وعملًا بالفتوة.
وقيل -وهو الأظهر الأشهر-: إنَّه خطابٌ للأزواج والزَّوجاتِ جميعًا؛ أي: عفوُ الزَّوجِ بإعطائِه كلَّ المهرِ خيرٌ له، وعفوُ المرأةِ بإسقاطِ كلِّه خيرٌ لها.
وقوله تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} تقريرٌ للأوَّل (١)، فلا يَنبغي للزَّوجِ أنْ يَنسى الإفضال، فيقول: إنَّها كانت محبوسةً بعقدي، ولم تَنل منِّي نصيبًا، فلا أحرِمُها مِن المسمَّى شيئًا، ولا يَنبغي للمرأةِ أن تتركَ الإحسانَ، وتقول: إنَّ زوجي لم يَصِل إليَّ، ولم يكن له منِّي شيءٌ، فأنا لا آخذُ منه شيئًا.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}؛ أي: لا يَخفى عليه ما عمِلتُم مِن الفضلِ والجودِ والانتصاف (٢).
والجملةُ أنَّ المنكوحاتِ المطلَّقاتِ أربعةُ أصناف؛ مسمَّى لها مدخول بها، وغيرِ مسمَّى لها غيرِ مدخول بها، ومسمًّى لها غيرِ مدخول بها، وقد ذكرنا أحكامَ هذه الثَّلاث في هذه الآيات، وغيرِ مسمًّى لها مدخول بها، وقد ذُكرَ حكمُها في قوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} النساء: ٢٤.
وقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} (٣) لمَّا ذكرَ أحكامَ النِّكاح، وفيه الشَّهوات،
(١) في (ر) و (ف): "تقدير الآية" بدل: "تقرير للأول".
(٢) في (ر): "والإنصاف".
(٣) بعدها في (ر) و (ف): {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}.