قال قوم: هي غير مُعيَّنةٍ، وإذا حافظ على كلِّها، فقد حافظَ عليها.
قال أبو بكر الورَّاق رحمه اللَّه: لو شاء اللَّهُ لعَيَّنها، ولكنه أرادَ تنبيهَ الخلقِ على أداءِ الصَّلواتِ؛ ليُحافِظوا عليها (١)، كما نبَّه الناسَ على ليلة القدر، ولم يُعيِّنها، وكما قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ في الجُمُعة لساعةً (٢) لا يُوافقُها عبدٌ مسلمٌ يَسألُ اللَّه فيها خيرًا، إلَّا أعطاهُ إيَّاه" (٣)، ولم يُعيِّنها.
وسُئِلَ الرَّبيع بن خثيم عنها، فقال للسَّائل: أرأيتَ إنْ عرفتَها، أكنتَ محافظًا عليها ومضيِّعًا سائرها؛ قال: لا، قال: فإنَّك إذا حافظتَ عليهنَّ فقد حافظتَ عليها (٤).
وقال ابنُ سيرين: سألتُ شُرَيحًا رحمه اللَّه عن ذلك، فقال: حافظْ عليهنَّ تُصِبها (٥).
وقيل: هي صلاةُ الفجر، رويَ ذلك عن عليٍّ وابنِ عباس وابنِ عمرَ وأبي موسى وجابرٍ وجماعةٍ من التَّابعين (٦) رضوان اللَّه عليهم أجمعين، وهو اختيارُ الشافعيِّ رحمَه اللَّهُ، وقالوا: يَدلُّ عليه أنَّه وردَ فيه في القرآن (٧) زيادةُ ترغيبٍ، وهو
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٢/ ١٩٨).
(٢) في (ر) و (ف): "ساعة".
(٣) رواه البخاري في "صحيحه" (٩٣٥)، ومسلم (٨٥٢) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٤/ ٣٧١ - ٣٧٢).
(٥) رواه ابن أبي شيبة (٨٦١٣).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (٤/ ٣٦٧ - ٣٧١) عن ابن عباس وجابر بن عبد اللَّه وجماعة من التابعين. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٤٤٨) (٢٣٧٦)، ثم قال: وهو أحد قولي ابن عباس، وأحد قولي ابن عمر، وأنس بن مالك وأبي العالية وعبيد بن عمير وعطاء ومجاهد وجابر بن زيد وعكرمة والربيع بن أنس.
(٧) بعدها في (أ): "من".