وقوله: {حِفْظُهُمَا}؛ أي: حفظُ السماوات والأرض، وإنما ثُنِّي -مع أن السماواتِ جمعٌ- ردًّا إلى الجنس، وهو كقوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} الحج: ١٩ مع سَبْق قولهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} الآيةَ البقرة: ٦٢؛ لأن الجنس اثنانِ: المؤمنون والمشركون.
يقول: لا يَشُقُّ عليه حفظُ السماوات والأرض ولا يَثْقُل عليه، إذ القريبُ منها (١) والبعيدُ عنده سواءٌ، وكذلك القليلُ والكثير سواءٌ (٢)، والكبيرُ والصغيرُ سواءٌ، وكيف يتعب مَن خلَق الذرَّةَ وكلُّ الكون عنده سواءٌ، فلا مِن القليل له تَيسُّرٌ، ولا من الكثير عليه تَعسُّرٌ: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يس: ٨٢.
وقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}: أي: هو المتعالي عن شَبَه المخلوقين وعن افتراءِ المفترِين، والعليُّ في ملكه وسلطانه وقهره الأشياءَ وجريانِ حُكمه عليها، وهو العظيمُ في جلاله وعزِّه وعلوِّه ومجده.
وقيل: الاسمان جامعان لكمالِ التوحيد، فالعليُّ هو المتعالي عن كلِّ الصفات التي لا تَليق به، والعظيمُ هو الموصوفُ بكلِّ الصفات التي تليق به.
ثم هذه الآيةُ ورد في فضلها (٣) أحاديثُ كثيرة:
قال عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه: إن أعظم آيةٍ في كتاب اللَّه تعالى (٤): {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (٥).
(١) "منها": من (أ).
(٢) "سواء" ليست في (أ).
(٣) في (ر): "فضائلها".
(٤) في (أ) و (ف): "في القرآن".
(٥) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٦٠٠٢)، وسعيد بن منصور في "سننه" (٢٤٧). وروي في الصحيح مرفوعًا؛ رواه مسلم (٨١٠) من حديث أبي بن كعب رضي اللَّه عنه.