وقيل: الطَّلُّ: النَّدى، والطَّشُّ كذلك، وهو (١) الذي يبلُّ وجه الأرض.
ثم في تقريب هذا الكلام ثلاثةُ أقاويل:
فقيل: إنْ لم يُصبها وابلٌ وأصابها طَلٌّ، آتت أُكلها ضعفين أيضًا، فلا تَنقص غلَّتُها لحُسْن موضعها.
وقيل: إنْ أصابها وابلٌ آتت أُكلها ضعفي ما تُؤتي أرضٌ ليست على الربوة بالوابل، وإنْ أصابها وابلٌ آتت أُكلها ضعفي ما تُؤتي غيرُها بالطَّلِّ.
وقيل: إنْ أصابها وابلٌ آتت أُكلها ضعفين، وإنْ أصابها طَلٌّ أخرجت ثمرًا بقَدْره، فلا تخلو عن غلَّة (٢)، فكذلك مَن أخرج صدقتَه للَّه تعالى لم يُضِع كسبه قلَّ أو كثُر، بخلاف مَن أخرجها رياءً، فإنَّه يَبطُل سعيُه ويَخيب أملُه (٣).
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}: أي: يرى أعمالَكم على إقلالٍ وإكثارٍ، ويعلم نيَّاتكم فيها مِن رياء وإخلاص، فأَخلِصوا يَجْزِكم جزاءَ المخلِصين، وأَكثِروا يُعطكم ثوابِ المكثِرين.
* * *
(٢٦٦) - {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}.
(١) في (أ): "وقيل هو".
(٢) من قوله: "أيضًا، فلا تنقص غلتها. . . " إلى هنا وقع بدلًا منه في (ر) و (ف): "ما تؤتي غيرها بالطل. وقيل: إن أصابها وابل آتت أكلها ضعفين؛ أي: أخرجت ثمرًا تقديره زاكيًا عن غيره والصدقة قد تخلو عن غلة".
(٣) في (ف): "عمله".