ثم هو أمرٌ بأداء زكاةِ أموالِ التجارة.
وقولُه تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}: أي: مِن الغلَّات؛ وهي إنزالُ الأشجار والكروم والأراضي، وهذا أمرٌ بأداء عُشْر الخارج مِن الأراضي العشريَّة.
وقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ}: أي: لا تقصدوا الرديءَ، وقد أَمَّ ويَمَّ وتأمَّم وتَيمَّم: إذا قصَد، ومنه قوله: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} النساء: ٤٣.
ثم الخبيثُ نقيضُ الطَّيِّب، ولهما جميعًا ثلاثةُ معانٍ؛ الطَّيِّب الحلال والخبيث الحرام، والطَّيِّبُ الطاهرُ والخبيثُ النَّجس، والطَّيِّب ما يَستطيبه الطبعُ والخبيثُ ما يَستخبثُه.
وقيل: أصلُ الخبيث: الرديءُ، وبمعنى الرداءة يقع على المعاني الثلاثة التي قلنا.
وقوله تعالى: {مِنْهُ تُنْفِقُونَ}: أي: مِن الخبيث تتصدَّقون.
وقوله تعالى: {وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}: أي: وأنتم لا تأخذونَ مثلَه ممَّن كان لكم عليه جنسُه إلَّا أنْ تتساهلوا فيه وتَغضُّوا أعينكم عن الاستقصاء على مؤدِّيه، ويقال (١) لمن سامح وساهل: إنَّه (٢) قد غَمض طَرْفَه، ويقال: معناه: إلَّا أنْ تستحيوا، وذلك مستعملٌ في اللغة، قال الشاعر:
فغُضَّ الطَّرْفَ إنَّك مِن نميرٍ... فلا كَعْبًا بلغتَ ولا كِلابًا (٣)
وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ}: أي: مستغنٍ عن صدقاتكم لا يتكثَّر بها إنْ أَعطيتُم، ولا يَنقص مِن ملكه شيئًا إنْ مَنَعتم.
(١) في (ر) و (ف): "يقال".
(٢) "أنه": من (ف).
(٣) البيت لجرير، وهو في "ديوانه" (٣/ ٨٢١).