وله وجهٌ آخرُ؛ فإنَّه قال: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا}؛ أي: فاتركوا إنْ كنتم مقرِّين بتحريمه، {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا}؛ أي: فإنْ لم تقولوا بتحريمه ولم تقبلوا ذلك، فاعلموا أنَّكم كفَّارٌ محارِبون اللَّهَ ورسولَه.
وقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ}: أي: مِن أخذِ الرِّبا {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} قَدْرَ ما أعطيتُموهم {لَا تَظْلِمُونَ} أنتم غرماءكم بأخذِ الزيادة {وَلَا تُظْلَمُونَ}؛ أي: هم (١) لا يَظلمونكم بالنقصان عن رؤوس أموالكم.
* * *
(٢٨٠) - {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} رفع {ذُو} مِن وجهين:
أحدهما: أنَّه اسمُ {كَانَ}، وخبرُه مُضمَرٌ، كأنَّه قال: وإنْ كان ذو عسرة غريمًا لكم، أو: إنْ كان هناك ذو عسرة، أو كان فيكم أو منكم، فيكون الخبر متقدِّمًا أو متأخِّرًا.
والثاني: أنْ يكون تامًّا مكتفيًا باسمِه عن خبره، يقال: كان الأمرُ؛ أي: وقع، وتقدير هذا: وإنْ وقع ذو عسرة، وإنْ حَدث ذو عسرة، وإنْ وُجد ذو عسرة.
وقرأ ابنُ عباس وابنُ مسعود رضي اللَّه عنهم: (وإنْ كان ذا عسرة) (٢)؛ أي: وإن كان الغريمُ ذا عسرة.
(١) "هم" ليست في (ف).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (١/ ١٨٦)، و"المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٢٤)، و"تفسير الثعلبي" (٢/ ٢٨٦). وزيد عند بعضهم نسبتها لعثمان وأبيٍّ.