وقد ختمت هذه السورة بما بدأت به، وهو ذكر المؤمنين والكافرين، فإن اللَّه تعالى أخبر في افتتاح هذه السورة أن هذا {الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ} وأنه {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} ثم قال: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ثم شهد في آخر هذه السورة لنبيِّه محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- ولأمته بهذا الإيمان.
وجمَع بين النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وبين أمته في ذلك، وفي ذلك نهايةُ الفضيلة وكمالُ القَدْر (١) لهذه الأمَّة، وللَّه الحمدُ والمِنَّة.
وقيل في جميع معاني السورة: إنها تضمَّنت بيانَ التوحيد والعبادات، والمعامَلات والمحاكَمات، والمحلَّلات والمحرَّمات، والمَثوبات والعقوبات، وأكثرَ ما إليه حاجةُ الخلق في جميع الحالات.
ثم ختم السورة ببيان عظمته وجلاله وسلطنته ومملكته بقوله: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} إعلامًا أن قبولَ ذلك كلِّه مما يَلزم الخلقَ، ولا يسعُهم الإخلالُ بها، ولا يمكِنُهم الخروجُ عن حُكمه، ولا يَعزُب شيءٌ من أحوالهم عن علمه.
ثم ذَكر بعده حالَ نبيِّه محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي أوحى إليه ذلك، وأنه عظيم الشأن والقَدْر، رفيعُ المنزلة والذِّكر.
ثم مدَح أمَّته بالإيمان بذلك كلِّه، والاعتصامِ منهم (٢) بعدله وفضله، والاستعانةِ منهم به في قولِه وفعله.
ورُوي عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه لمَّا أُسري به قال له ربُّه عز وجل: "أُعطيتَ يا محمدُ ما
(١) في (ر): "القدرة".
(٢) "منهم" ليست في (ف).