والتأويل من الأَوْلِ وهو الرجوع (١)؛ يقال: أوَّلتُه فآل؛ أي: صَرَفْتُه فانْصَرَفَ، فكأنَّ المراد بالتأويل: هو صرفُ الآية إلى ما تحتمِلُه من المعنى بالدليل.
وقال النَّضْر بنُ شُمَيْلٍ (٢): أصله من الإيَالة وهي السياسةُ، يقال: أُلْنا وإِيلَ علينا؛ أي: سُسْنا وساسَنا غيرُنا، فكأنَّ المؤوِّل سائسُ الكلام والقادرُ عليه، وواضعُه مواضعَه.
وعلى هذا يكون (٣) آلَ متعديًا، ويكونُ تشديدُه لترديدِه لا لتعديتهِ بتشديده، ومعناه: أنه تتبَّعَ آيةً بعد آيةٍ وسورةً بعد سورةٍ.
فالتفسير هو علم النزول لا يُتكلَّم فيه إلا بالسماع، والتأويلُ سائغٌ بالاستنباط بشرطِ موافَقةِ النصِّ والإجماع، ولأهل العلم فيهما عبارات:
قيل: التفسير كشفُ ظاهر الكلام، والتأويلُ كشف باطنه، وبالفارسية: (تفسير روشن كردن روى سخن است، وتأويل (٤) بيدا كردن مغز سخن است) (٥).
وقيل: التفسير بيانُ أول الكلام، والتأويل بيانُ آخره، وبالفارسية: (تفسير من كشايش را، وتأويل مر نما يش را).
وقيل: التفسير للمُحْكَمات، والتأويل للمتشابِهات.
وقيل: علم التفسير للخَلْق، وعلم التأويل للحق، قال اللَّه تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ
(١) في (ر): "الرجع".
(٢) في (أ): "سهيل"، وهو تحريف، والكلام الآتي رواه عن النضر: الثعلبيُّ في "تفسيره" (١/ ٨٧).
(٣) بعدها في (ر) و (ف): "قوله".
(٤) في (ر): "والتأويل".
(٥) في (ف): "تعريبه: التفسير معناه إيضاح ظاهر الكلام، والتأويل معناه: إظهار معنى الكلام".