وترغيبٌ في الآخرة، وبيانٌ أنَّه لم يَخلق ذلك كلَّه ليستعملوها (١) في خلافه والصَّدِّ عن سبيله، بل ليتبلَّغوا بها، ثم المآبُ إلى اللَّه تعالى فلْيستعينوا (٢) بها على ذلك.
* * *
(١٥) - {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}.
وقوله تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ}: أي: قل يا محمَّد، أَأُخبركم بما هو خيرٌ مِن جميع ما عدَّدْتُ عليكم مِن المشتهَيات الدنيويَّة، وهذه ألفُ الاستفهام بمعنى استعظامِ ما يخبرهم به، يقول الرجلُ لآخَر (٣): أَلا أُخبرك بما وقع في البلد، ويقال هذا في مهمٍّ.
وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا}: أي: الكفرَ والمعاصيَ {عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ}: قد مرَّ تفسيرُه كلِّه في سورة البقرة (٤)، وهذا كلُّه تفسيرُ قوله تعالى: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}.
و {جَنَّاتٌ} رفعٌ؛ لأنَّه خبرُ اللام في قوله: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} وقراءةُ الخفضِ على أنَّه بدلٌ مِن قوله: بخير (٥).
وقوله تعالى: {وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ}: ولهم أيضًا رضًا مِن (٦) اللَّه، كما
(١) في (ر): "ليستعملوه".
(٢) في (ف): "ليستعينوا".
(٣) في (ف): "للآخر".
(٤) في هامش (ف): "مر تفسير هذا كله في أول سورة البقرة. نسخة".
(٥) انظر: "المختصر في شواذ القراءات" (ص: ٢٦)، ونسبها ليعقوب في رواية، وليست في "النشر".
(٦) "من": من (أ).