{وَالصَّادِقِينَ} الذين صدقوا في الطلب فقصدوا، ثم صدقوا حتى وردوا، ثم صدقوا حتى شَهدوا، ثم صدقوا حتى وَجدوا، ثم صدقوا حتى فُقدوا، فترتيبهم (١): قصودٌ ثم ورودٌ ثم شهودٌ ثم وجودٌ ثم خمودٌ.
{وَالْقَانِتِينَ} الذين لازموا البابَ، وداموا على تجرُّع الاكتئاب؛ وتركِ المحابّ، ورفض الأصحاب، إلى أنْ تحقَّقوا بالاقتراب.
{وَالْمُنْفِقِينَ} الذين جادُوا بنفوسهم مِن حيث الأعمالُ، ثم جادوا بميسورهم مِن الأموال، ثم جادوا بقلوبهم بصدق الأحوال، ثم جادوا بترك كلِّ حظٍّ لهم في العاجل والآجل للقُرب والوصال.
{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ} عن جميع ذلك إذا رجعوا إلى الصَّحْو عند الأسحار في ظهور الأسفار، وهو فجرُ القلوب لا فجرٌ يظهر في الأقطار (٢).
* * *
(١٨) - {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وقوله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}: أولو العلم (٣) هؤلاء الذين سبق ذِكْرهم ومَدْحهم، ومن تمام مدحِهم أنَّهم يَشهدون بهذه الشهادة، وذِكْرُ اللَّهِ تعالى والملائكةِ قَبْلهم تأسيسٌ لمدحهم، وأنَّهم يشهدون بما شهد اللَّهُ به وملائكتُه، وهو كقوله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الأنفال: ٤١، وذكر اللَّه تعالى هاهنا لتشريف ذِكْر النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهذا كذلك.
(١) في (ر): "فتربيتهم"، والمثبت موافق لما في "اللطائف".
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٢٤ - ٢٢٥)، وما بين معكوفتين منه.
(٣) " {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} أولو العلم" لم يرد في (أ).