وقال الحسينُ بن الفَضل البَجَليُّ المفسِّر (١) رحمه اللَّه: قرأتُ كتاب اللَّه تعالى من أوَّله إلى آخِره ثانية وعشرين ألفَ مرةٍ متدبِّرًا متفكِّرًا، ما منها من مرةٍ إلا وعثرتُ على نوعٍ جديد من العلم، ورأيتُ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في المنام فقال لي: يا أبا علي! إنك تعيشُ مئةً وثلاثين سنة، قال: فعاش مئة وثلاثين سنة (٢).
وروَى ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "القرآنُ ذلولٌ ذو وجوهٍ فاحْمِلوه على أحسنِ وُجوهِه" (٣).
فقوله: "ذلول" له وجهان:
أحدهما: أنه ممكِنُ القراءة يَنطلقُ (٤) به جميعُ الألسنة.
والثاني: أنه واضحُ المعاني حتى لا تَقْصُرُ عنه أفهامُ المجتهدِين فيه.
وقوله: "ذو وجوه" له وجهان:
أحدهما: أن نَظْم كلماته يَحتمِل من التأويل وجوهًا متناسِبةً لإعجازه.
والثاني: أنه يجمع وجوهًا من الأمر والنهي والوعد والوعيد والتحريم والتحليل.
وقوله: "فاحملوه على أحسن وجوهه" له وجهان:
(١) هو مفسر معمَّر، كان رأسًا في معاني القرآن، أصله من الكوفة، انتقل إلى نيسابور، توفي سنة (٥٢٨٢) وهو ابن مئة وأربع سنين. انظر: "سير أعلام النبلاء" (١٣/ ٤١٤).
(٢) كذا ذكر سنه هنا، ولم أجد من ذكره، والذي في كتب التراجم هو ما ذكرناه عن "السير" أنه توفي وهو ابن مئة وأربع سنين. انظر: "الوافي بالوفيات" (١٣/ ١٨)، و"لسان الميزان" (٢/ ٣٠٨)، و"طبقات المفسرين" للسيوطي (ص: ٤٨).
(٣) رواه الدارقطني في "سننه" (٤٢٧٦).
(٤) في هامش (ف): "ينطق".