وقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} في {إِنَّ الدِّينَ} و {أَنَّهُ} في أوَّل هذه الآية أربعة أوجهٍ: فتحُهما، وكسرُهما، وفتحُ الأولى وكسرُ الثانية، وعكسُه.
أمَّا فتحُهما: وهو قراءةُ الكسائيِّ (١)، فعلى إيقاعِ الشهادةِ على الثانية وإضمارِ الباء أو اللام في الأولى: بأنَّه أو لأنه، أو إيقاعِ الشهادة على الأولى وإيقاعها أيضًا على الثانية لا بطريق العطف؛ لأنَّه لا عاطف بينهما، لكن على البدل.
وأمَّا كسرهما: فلأنَّ الشهادةَ تجري مجرى القول، فيجوز كسرُ (إنَّه) على معنى: قال اللَّه تعالى: {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} والثانية على الاستئناف، أو على إيقاع القول والفعل (٢) عليه.
وأمَّا كسر الأولى وفتح الثانية: وهو قراءةُ ابنِ عباسٍ رضي اللَّه عنهما (٣)، فالأُولى استئنافٌ، وهو اعتراضُ الكلام قبل التمام، والثانيةُ بإيقاع الشهادة عليها.
وأمَّا فتح الأولى وكسر الثانية: فعلى إيقاع الشهادة على الأُولى واستئنافِ الثانية.
وقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}؛ أي: الدِّينَ الحقَّ والدِّينَ المرضيَّ هو الإسلام، قال اللَّه تعالى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} المائدة: ٣ وقال تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} الآية آل عمران: ٨٥.
وقال ابنُ عباسٍ رضي اللَّه عنهما: نزلت: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} حين افتخر المشركون بأديانهم، وقال كلُّ فريقٍ منهم: لا دينَ إلَّا دينُنا، وهو دينُ اللَّه تعالى منذ بَعث اللَّهُ تعالى آدم عليه السلام، فكذَّبهم اللَّهُ تعالى وقال: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} الذي جاء به محمَّدٌ عليه الصلاة والسلام، وهو الدِّين
(١) انظر: "السبعة" (ص: ٢٠٢)، و"التيسير" (ص: ٨٧).
(٢) "والفعل" لم يرد في (أ) و (ف).
(٣) انظر: "المختصر في شواذ القرآن" لابن خالويه (ص: ١٩).