وقوله تعالى: {مِنَ الصَّالِحِينَ}: أي: مِن الآباء الصالحين (١)، والصَّلاح صفةٌ يَنتظم الخيرَ كلَّه.
وقيل: الصالح: المؤدِّي حقوقَ اللَّه تعالى وحقوقَ الخلق.
وقيل: هو الذي ينتفي عنه الفسادُ بالكلِّيَّة.
وقيل: قوله: {مِنَ الصَّالِحِينَ} أي: مِن الأنبياء؛ لأنَّ اللَّهَ جلَّ جلاله سمَّاهم به، فقال: {إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ} الأنبياء: ٨٦.
* * *
(٤٠) - {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}.
وقوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ}: (أنى) لمعنيين: كيف، ومِن أين، ولم يكن هذا نفيَ القدرة، بل سؤالُ الجهة أنَّه يكون عن تَبنٍّ أو توالُدٍ (٢)، ومن امرأتي (٣) هذه أو مِن غيرها، وعلى بقاء شيبهما أو ردِّهما إلى الشباب.
وقوله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ}: أي: على هذه الحال ومِن هذه المرأة، فإنَّ
(١) بعدها في (ر): "أي: من الأنبياء لأنَّ اللَّهَ جلَّ جلاله سمَّاهم به، فقال: {إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ} ". وسيأتي هذا قريبا.
(٢) في (ف): "أنه يكون تبني أي توالد" وفي (ر): "أنه يكون نبي أي بوالد"، والمثبت من (أ)، ويؤيده قول القشيري في "لطائف الإشارات" (١/ ٢٤١): (ويحتمل أنه قال: أنّى يكون هذا: أعلى وجه التبني، أم على وجه التناسل؟).
(٣) في (أ): "امرأته".