المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل مبعثه، كالرَّمي بالشُّهب، وتظليل الغمام، وقصةِ الفيل.
قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ}؛ أي: اختارَكِ بالدِّين الحق، وقيل: بحسن القَبول وحسن الإنبات.
قوله تعالى: {وَطَهَّرَكِ}؛ أي: من الحيض والنِّفاس.
قوله تعالى: {وَاصْطَفَاكِ}؛ أي: اختارك بولدٍ من غير أبٍ {عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}: ويجوز على هذا الوجه أن يكون للعموم، فإنَّ هذا التَّخصيص كان لها على كل النِّساء، وإن أريد بالاصطفاء الثاني هو التفضيل بالمنزلة في الدِّين، فمعناه: على نساء عالَمي زمانها، فعائشةُ وفاطمة رضي اللَّه عنهما في فضل الدِّين فوقها.
وقيل: {وَاصْطَفَاكِ}؛ أي: اختصَّكِ لعبادته بالتَّحرير، وفرَّغك عن أمر المعاش والمكسب (١)، وطهَّرك عن مسِّ الرِّجال، واصطفاك على نساء العالمين بولدٍ يشهد ببراءتك (٢) وهو في المهد.
وفي "تفسير الحسن": {وَاصْطَفَاكِ} بأنَّ أُمَّك كما ولدَتْكِ ألقَتْكِ إلى اللَّه تعالى، فكفَّلك زكريا، وآتاك رزقَك من الجنَّة، وطهَّرك بالإيمان، واصطفاك بولدٍ مثل عيسى.
* * *
(٤٣) - {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}.
قوله تعالى: {يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ}: قال سعيد: أي: أخلصي (٣).
(١) في (أ): "والكسب".
(٢) في (أ): "شهد على براءتك"، وفي (ف): "يشهد على براءتك".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٣٩٩).