نصفُ رأسِه، وقال: قد قامَتِ القيامة؟ قال: لا، ولكن دعوْتُ اللَّهَ باسم اللَّه الأعظم، ولم يكونوا يشيبون في زمن نوحٍ عليه السلام، فشهد لعيسى بنبوَّته، وكان عاش خمسَ مئة عام، ومات وهو غلامٌ شابٌّ، فحَيِيَ، ثم عاد ميتًا (١).
قوله تعالى: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ}؛ أي: وأُخبركم بما تغدَّيتم به وما تعشَّيتم، وما خبَّأتم لغدٍ من طعامٍ.
وقد ذَخَرَ شيئًا يَذْخَرُهُ ذُخْرًا من باب صنعَ؛ أي: خبأه لحاجةِ نفعٍ، والذَّخيرةُ اسمٌ لذلك، و {تَدَّخِرُونَ} تَفْتعِلون منه، وأصله: تَذْتَخِرون، فاستثقلوا التَّاء مع الذَّال فأبدلوا التَّاء دالًا، ثم أدغموها في الذَّال، فصارتا دالًا مشددةً (٢).
قال الشَّعبي: وكان عيسى عليه السلام يقول في الكُتَّاب للغلام: إنَّ أهلَكَ خبَّؤوا لك كذا من الطَّعام.
وقال سعيد بن جبير والسُّدِّي وجماعةٌ كذلك (٣).
وقال قتادة: إن القوم سألوه المائدة، وكان يُنزَّل عليهم من ثمر الجنَّة، وأمرهم أن لا يخزنوا ولا يخبؤوا لغدٍ، ففعلوا، فأنبأهم بما ادَّخروا، ومسخهم اللَّه تعالى خنازير بما خالفوا (٤).
(١) ذكر نحوه السمعاني في "تفسيره" (١/ ٣٢١)، والبغوي في "تفسيره" (٢/ ٤٠)، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) وقع في هذا الموضع خلط كثير في النسخ بين الدال والذال، والمثبت من كتب اللغة والتفسير.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٢٦)، وابن المنذر في "تفسيره" (١/ ٢٠٤) (١/ ٢١٠)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٦٥٦) عن سعيد بن جبير، ورواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٢٨) عن السُّدِّي.
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٤٠٦)، والطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٢٩)، وابن أبي حاتم في =