قوله تعالى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ}: الواو لإرادةِ تكرار المجيء؛ أي: وجئتكم لأحِلَّ لكم، أو تقديره: ولأحِلَّ لكم ذلك جئتُكم.
قال قتادة: كان موسى عليه السلام حرَّم عليهم لحومَ الإبل والثُّروب (١)، فورد عيسى بتحليل ذلك (٢).
وقال مقاتل: أي: بعضَ الذي حُرِّمَ عليكم من اللُّحوم والشُّحوم والسَّمك والطَّير وكلِّ ذي ظُفرٍ (٣).
وقال عطاء: هو لحم الإبل وشحومُ الضأن (٤) والمعزِ والبقرِ (٥).
وقيل: إنَّ أحبار اليهود حرَّموا (٦) على بني إسرائيل أشياءَ لم يكن اللَّهُ تعالى حرَّمها عليهم، فأمرَ اللَّهُ تعالى عيسى ببيانِ حلِّها.
والمرادُ بالآيةِ: استمالةُ بني إسرائيل في الدَّعوة، بأنَّه إنَّما جاء مصدِّقًا للتَّوراة لا مغيِّرًا لها، ومحلِّلًا أشياء (٧) حُرِّمَتْ عليهم تخفيفًا عليهم.
قوله تعالى: {وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ}: أي: أتيتُكُم بِعلامةٍ على صدقِ نبوَّتي، وهي ما مرَّ، وتوحيدها لِمَا مرَّ.
(١) الثروب: واحدها: ثَرْب، وهو شحم رقيق يغشِّي الكرش والأمعاء. انظر: "القاموس" (مادة: ثرب).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٣١).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٢٧٧).
(٤) في (ر): "وشحم الغنم".
(٥) لم أقف عليه عن عطاء، وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٣٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٦٥٧)، عن الربيع، وروى نحوه أيضًا الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٣٢)، وابن المنذر في "تفسيره" (١/ ٢١٢) عن ابن جريج.
(٦) في (أ): "حرموا كانوا".
(٧) في (ف): "ومحل لأشياء".