أي: أثبِتْ أسامينا في جملة مَن شهد بمثل شهادتنا لك بالتوحيد، ولأنبيائك بالتصديق؛ لنفوزَ بما فازوا.
وقيل: في الشَّاهدين أنَّهم هم (١) الأنبياء.
وقيل: هم أمَّة محمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولهم في القرآن أسامٍ كثيرة: المتَّقون، والصَّالحون، والصِّدِّيقون، وحزب اللَّه، والمفلحون، ونحوُ ذلك، وكانَ ذِكْرُ نبيِّنا وذِكْرُنا في كلِّ كتابٍ، وذُكِرَ لكلِّ نبيٍّ وأمَّتِه، وعرَفوا ذلك، فلذلك سَألوا هذا.
وقيل: معنى الكتابة: الضمُّ والجمعُ؛ أي: اجمع بيننا وبينهم في الدُّنيا على التَّقوى والثَّبات على طريق الهدى، وتجنُّبِ طريق الرَّدى، وفي الجنَّة في أنواع الكرامة.
وقيل: معناه: واجعلنا (٢) نقوم بحجَّتِكَ ودعوتِكَ عندَ مَن أنكر ما جاءَ به رسولُك؛ لأنَّ الشَّاهد هو الَّذي يحقِّق دعوى المدَّعي.
يقولون: اجعلنا دعاةً إليك، شاهدِين لك بالحقِّ في عبادك. وقد رُوي أن عيسى عليه السلام فرَّقَهم دعاةً في البلدان.
وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه في تمام الآية: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ}: لَمَّا بلَّغهم الرِّسالة واختلفوا، فمنهم مَن صدَّقه، ومنهم مَن كذَّبه، وهم الأكثرون = علمَ أنَّه لا تنفكُّ النبوَّة عن (٣) البلاءِ وتسلُّط الأعداء، فقطع عنهم قلبَه، وصدَقَ (٤) إلى اللَّهِ تعالى قصدَه، وقال لقومِه: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ}؛ أي: مَن يساعدني على التَّجرُّدِ
(١) "هم" ليس في (أ).
(٢) بعدها في (ر): "نحن".
(٣) في (ر): "من".
(٤) في (ف): "وصرف".