للدُّعاء من سفلٍ إلى علوٍ، ولكن كَثُرَ استعمالُه في الدُّعاء، فصارَ أمرًا بالإقبالِ إلى حيث يُدْعى إليه، ثم صار أمرًا بالقصدِ بالقلبِ إلى ما يُدعى إليه.
وقوله تعالى: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}: أي: عدلٍ، وقد بيَّنَّا وجوهَهُ عند قوله تعالى: {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ} البقرة: ٦.
وقولُه تعالى: {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ}: {أَلَّا نَعْبُدَ} محلُّه خفضٌ؛ لأنَّه ترجمةٌ عن {كَلِمَةٍ}.
وقولُه: {أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ}؛ أي: نحن جميعًا مقرُّون أنَّا مخلوقون، وأنَّا عبيدُ اللَّهِ، فالعدلُ أن نعبدَه وحدَه، لا كفعلِ اليهود في عبادة عُزير، ولا كفعلِ النَّصارى في عبادة المسيحِ.
وقوله تعالى: {وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا}: عطفٌ على {أَلَّا نَعْبُدَ}.
وقوله تعالى: {وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}: كذلك؛ أي: لا تتَّخذوني إلهًا كما اتَّخذَ (١) اليهودُ عُزيرًا، وكما اتَّخذَ النصارى المسيحَ.
وقال قتادةُ: أي: لا يتَّخذَ الأتباعُ الرؤساءَ (٢) أربابًا من دونِ اللَّهِ، فيطيعونهم كطاعةِ اللَّه تعالى (٣).
وقولُه تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا}: أي: أعرَضوا عن هذا {فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}؛ أي: مخلِصون للَّه بالتَّوحيد والعبادة، وعلى دين إبراهيم، فإنَّه كان حنيفًا مسلمًا.
(١) في (ف): "اتخذت".
(٢) في (أ) و (ف): "الرؤوس".
(٣) روى نحوه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٤٧٩) عن ابن جريج.