وقيل: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ما جزاءُ مَن لبَّسَ الحقَّ بالباطل.
* * *
(٧٢) - {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}.
قوله تعالى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ}: أي: جماعة، وهي مِن الطَّواف، ولها معنيان:
أحدهما: أنها رفقةٌ تطوف في البلاد في السَّفر.
والثَّاني: أنها جماعةٌ تستوي حلقة يُطافُ حولَها (١).
قوله تعالى: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}: اتَّفقَ المفسِّرون أنَّهم اليهودُ هاهنا.
قال السُّدِّيُّ: تواطأَ اثنا عشر حبرًا من اليهود على أن يُؤمنوا بمحمَّدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم يكفروا به، فإذا سُئلوا قالوا: لم يكن بذاك. فحذَّرَ اللَّهُ جلَّ جلالُه المؤمنين مكرَهم.
قوله تعالى: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}: أي: عن دينِهم، ومعناه: آمِنوا بالقرآن الَّذي أُنزل على محمَّدٍ، وهو كالمُنزَل على المؤمنين أيضًا؛ لأنَّ نفعَه لهم جميعًا.
{وَجْهَ النَّهَارِ}: أوَّله؛ لأنَّه أوَّلُ ما يواجَه منه، كوجه الثَّوب، ولأنَّ وجهَ (٢) الشيء: أعلاه وأشرفه. ونصبُهُ على الظَّرف.
ومعناه عند الأكثر: صدِّقوهم في أوَّل النَّهار، وكذِّبوهم في آخرِه؛ فإن ذلك يحملُهم على الرُّجوع عن دينِهم.
(١) انظر: "روح المعاني" (٤/ ٢٧٥)، وفيه: (. . يسوَّى بها حلقةٌ. .).
(٢) في (ف): "ووجه" بدل: "ولأن وجه".