قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ}؛ أي: ذلك الاستحلالُ ومنعُ الأمانةِ وتركُ قضاءِ الدَّين بسبب أنهم يعتقدون ويقولون: ليس علينا في أخذِ أموال العرب مأثمٌ، ويقولون: في كتابنا كذلك.
ونفي السَّبيل: نفيُ المطالبة؛ قال تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} الشورى: ٤١، وتحقيقُه: أن المُطالِب لا يتمكَّن من المطالبة إلَّا إذا وجدَ السَّبيل إلى المطلوب.
وقال مقاتلٌ: إنَّ المسلمين بايعوا اليهود في الجاهليَّة، فلمَّا تقاضاهم المسلمون في الإسلام قالوا: لا حرجَ علينا في حبسِ أموالهم؛ لأنَّهم ليسوا على دينِنا، وزعموا أنَّ ذلك حِلٌّ لهم في التَّوراة (١).
وقيل: كانوا يقولون: نحن أبناء اللَّه وأحبَّاؤه، وسائر النَّاس عبيدٌ لنا، لا جُناح علينا في أموالهم وأخذِها.
وقال الإمامُ أبو منصورٍ رحمه اللَّه: أرادوا بـ (الأميين): العرب؛ حيث كانوا لا كتاب لهم.
قال: وقيل: أرادوا بـ (الأميين) جميع المسلمين؛ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢): "نحنُ أمَّةٌ أُميَّةٌ، لا نحسُبُ ولا نكتُبُ" (٣).
قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ}: ردَّ اللَّه تعالى عليهم قولَهم أنَّ هذا في التَّوراة، قالَ: يكذبون على اللَّه في هذا {وَهُمْ يَعْلَمُونَ}: أنهم يكذبون على اللَّه.
(١) انظر: "تفسير مقاتل" (١/ ٢٨٥). وروى نحوه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٥١٢) عن ابن جريج.
(٢) في (ف): "فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال" بدل: "قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٣) انظر: "تفسير الماتريدي" (٢/ ٤١٠)، والحديث رواه البخاري (١٩١٣)، ومسلم (١٠٨٠)، عن عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه عنهما.