قلْنا: أعاد ذكرَ المتَّقين إبانةً (١) أنَّهم بما (٢) ينالون هذه المحبَّة، وليكون وعدًا لكلِّ متَّقٍ بأيِّ شيء اتَّقى، لا للمذكورين في الآية على الخصوص.
وقال عطاءٌ: بلى مَن أوفى بما عاهد عليه اللَّه (٣) في التَّوراة، واتَّقى اللَّهَ فيما أحلَّ وحرَّم، وعمل بفرائضه، واتَّقى سخطَه، فإنَّ اللَّهَ يحبُّ مَن كانت هذه صفتُه، مع الإيمان بمحمَّدٍ عليه الصلاة والسلام، وهو قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} البقرة: ٤٠، وذلك أنَّهم عاهدوا اللَّه تعالى: لئنْ بعثَ محمَّدًا ليؤمنُنَّ به وليصدِّقُنَّه، وعاهدهم اللَّه تعالى لئن فعلوا ذلك ليدخلنَّهم الجنَّة.
* * *
(٧٧) - {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}: ذكرَ وعيدَ ناقض العهدِ بعدَما ذكرَ وعدَ الموفي بالعهد.
والاشتراء به (٤) ثمنًا قليلًا: هو الاعتياض به ذلك، وقد ذكرنا تحقيقَه في سورة البقرة عند قوله تعالى: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} البقرة: ٩٠.
ونزلت الآية في اليهود؛ فإنَّ جماعةً مِن أحبارِهم أتوا كعبَ بنَ الأشرف في قحطٍ يطلبون منه طعامًا، فقال: ما تقولون في هذا الرَّجل الذي يقول: أنا رسول اللَّه؟
(١) في (ر): "في آياته"، وفي (ف): "الإبانة".
(٢) في (ف): "بها".
(٣) في (ف): "أوفى بعهده مما عاهد اللَّه عليه".
(٤) في (ف): "واشترائه".