واحدةٍ وترك سائرَها، وهي معلومةٌ محسوسةٌ لهم، فكان ذكرُها ذكرَ سائرها، كقولك: (تعلَّمْت أب ت ث) فإنَّك تريد كلَّ الحروف.
وقال الكسائي: فيه وجوهٌ:
إن شئت على العطف بغير واوٍ، كأنه قال: فيه آياتٌ بيناتٌ وفيه مقام إبراهيم وغيرُه (١).
وإن شئْتَ قلْتَ (٢): على الإضمار، كأنَّه قال: فيه آياتٌ بيناتٌ منها مقام إبراهيم.
وقيل: المقام مع أنه واحدٌ هو آياتٌ بيِّناتٌ؛ لأن المقام دلَّ على وحدانية اللَّه تعالى وكمال قدرته وعلمه وسائر صفاته وأسمائه، وعلى نبوَّة إبراهيم وصدق دعوته وصدق شرائعه، فكانَ المقامُ الواحد آياتٍ بيِّناتٍ على هذا الوجه، وعلى هذا الوجه (٣) تقديرُه: فيه آياتٌ بيناتٌ هي مقام إبراهيم.
وقيل: {مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} أريد به المقامات، فهو جمع بحذف الهاء، فالواحدة (٤): مَقامة، وجمعُها: المقام، كالمعونة يجمع على المعون؛ قال جميل:
بُثَيْنُ الْزَمِي (لا) إنَّ (لا) إنْ لَزِمْتِهِ... على كثرةِ الواشينَ أيُّ مَعونِ (٥)
والمراد بالمقامات: مناسكَ الحج (٦)، وهي المواضع التي قام فيها إبراهيم
(١) "وغيره": من (أ).
(٢) "قلت": من (أ).
(٣) "الوجه": من (أ).
(٤) في (أ): "فالواحد".
(٥) انظر: "ديوان جميل بثينة" (ص ١٠٥) (ط: المؤسسة العربية للطباعة)، و"أدب الكاتب" لابن قتيبة (ص: ٥٨٨)، و"المحكم والمحيط الأعظم" لابن سيده (مادة: عون).
(٦) في (أ): "بالحج".