وإنَّما خصَّهم بالذِّكْرِ (١) مع أنَّه عليم بالكلِّ؛ لأنَّه ذكرَ جزاءَ المتَّقين.
قال الإمامُ القشيريُّ رحمه اللَّه: {لَيْسُوا سَوَاءً} متى (٢) يستوي الضِّياء والظُّلمة، والوصال والفُرقة، والمعتكف على البساط والمنصرف عن الباب، والمتَّصف بالولاء والمنحرف عن الوفاء؟ هيهات لا يلتقيان، فكيف يستويان؟!
قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ} آل عمران: ١١٥، لم يخبْ عن بابِه قاصدٌ، ولم يخسرْ تاجرٌ، ولم يستوحشْ معه صاحبٌ، ولم يذلَّ له طالبٌ (٣).
* * *
(١١٦) - {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} آل عمران: ١١٦؛ أي: بمحمَّدٍ والقرآن، وهم اليهود الذين سبقَ ذكرُهم.
{لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}؛ أي: لن تمنع ولن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم من عذاب اللَّه شيئًا، وإنَّما ذكرَ الأموالَ والأولادَ لأنَّها عمدة الإنسان التي يدفع بها (٤) عن نفسه، وقد أغنى عنه؛ أي: نَفَعه.
قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}: مرَّ تفسيره مرَّاتٍ.
* * *
(١) "بالذكر" ليس في (أ) و (ف).
(٢) تحرفت في (ر) و (ف) إلى: "حتى".
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٧١).
(٤) في (أ) و (ف): "التي بها يدفع الأشياء".