وقيل: هي في الطَّائفتين إذ همَّتا أن تفشلا، فأُمرتا بالاستغفار.
وقيل: هي في الرُّماة الَّذين تركوا المركز، وفي المنهزمين يوم أحدٍ؛ قال اللَّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ} الآية آل عمران: ١٥٥.
* * *
(١٣٧) - {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.
قوله تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}: أي: مضَتْ.
وقال الزَّجَّاجُ: هاهنا مضمرٌ، وتقديرُه: قد خلَتْ من قبلكم أهلُ سُننٍ؛ أي: طرائقَ في الشَّرِّ فانظروا كيف كان عاقبتهم، والسُّنّة: الطَّريقة (١).
وقد سنَّ سُنَّةً؛ أي: وضع طريقةً تسلك؛ قال لبيد:
مِنْ مَعْشَرٍ سنَّتْ لهم آباؤُهُمْ... ولكلِّ قومٍ سُنَّةٌ وإمامُها (٢)
وقيل: هي على ظاهرِها، وسُننُ اللَّهِ: معاملات اللَّه فيهم، فالآية (٣) في شأن أهل أُحُد، ومعناها: قد مضَتْ سُننٌ في المؤمنين والكافرين؛ أنَّ الكفَّار وإن نالوا من المؤمنين بعض النَّيل امتحانًا للمؤمنين فإنَّ العاقبة للمؤمنين؛ قال اللَّه تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} الصافات: ١٧١ - ١٧٣، وقال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} هود: ٤٩.
قوله تعالى: {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ}: أي: في بلاد ثمودَ ولوطٍ وشعيبٍ وغيرهم.
(١) انظر: "معاني القرآن" للزجاج (١/ ٤٧٠).
(٢) البيت من معلقته. انظر: "ديوان لبيد" (ص: ١١٦).
(٣) في (أ) و (ف): "والآية".