يقول: لا تَضعُفوا عن قتال هؤلاء بعدأن نبَّهتكم على ما حلَّ بأمثالهم من المكذِّبين.
قوله تعالى: {وَلَا تَحْزَنُوا}: أي: لا تهتمُّوا لِمَا أصابكم من الجراح، والنَّقصِ في المال، والمصيبةِ في الإخوان، فذلك كلُّه تمحيصٌ ودرجاتٌ.
قوله تعالى: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}: أي: الأرفعون درجةً بالإسلام، فلا ينبغي للأعلى أن يضعف في مقابلة الأدنى.
وقيل: أي: أنتم الأعلون بالحجَّة، والمحقُّون في هذه المقاتَلة.
وقيل: أي: لكم الظَّفر واليد في العاقبة، وهذا وعدٌ لهم بالنَّصر.
وقيل: أنتم الأعلون عليهم بما ذكر: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ}؛ أي: اليوم، {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا} آل عمران: ١٦٥ يعني: يومَ بدرٍ.
وقيل: هذا وعد (١) معلَّقٌ بالشَّرط الَّذي بعدَه، وهو قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ أي: إن دمْتُم على إيمانكم فلكمُ العلوُّ عليهم بالظَّفر وغير ذلك.
وقيل: أنتم الأعلون في الجنَّة إذا استُشهدتم.
وقيل: {إِنْ كُنْتُمْ} بمعنى: إذ كنتم.
وقيل: هو على الشَّرط، ومعناه: إن كنتم مصدِّقين باللَّه فذاك يدعوكم إلى أن لا تهنوا ولا تحزنوا في قتال عدوِّه.
= والكسائي وأبو بكر عن عاصم: (مُوْهنٌ) ساكنة الواو منونة (كيدَ) نصب، وروى حفص عن عاصم: {مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ} مضافًا خفيفا بتسكين الواو وكسر الهاء وضم النُّون من غير تنوين وكسر الدَّال من {كَيْدِ}. انظر: "السبعة في القراءات" (ص: ٣٠٠٤)، و"التيسير" (ص: ١١٦).
(١) في (ف): "هو" بدل: "هذا وعدٌ".