وكان لما رجع يقول: قتلني محمدٌ، فقالت له قريشٌ وبه الطعنةُ في عنقه: ما بك من بأسٍ! فيقول: بلى، قال لي: أنا أقتلك، ولو بزق عليَّ بعد تلك المقالة لقتلني، فمات قبل أن يصل إلى مكة.
وسار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى فم الشِّعب، وجاءت فاطمة ومعها قربةٌ من ماءٍ فسقت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وجعلت تغسل الدم عن وجه رسول اللَّه (١) -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتنظر إلى سالم مولى أبي حذيفة وتقول: كيف يفلح قومٌ فعلوا هذا برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو يدعوهم إليه.
وقال: "اشتد غضبُ اللَّه على مَن أَدْمى وجه رسول اللَّه" -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).
قال أنس بن مالكٍ رضي اللَّه عنه: وكان قلب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مشغولًا بعليٍّ وحمزة، فأُتي بعليٍّ رضي اللَّه عنه وعليه (٣) نيِّفٌ وستون جراحةً من ضربةٍ وطعنةٍ ورميةٍ، فجعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمسحها وهي تلتئم بإذن اللَّه كأنْ لم تكن.
وجيء بحمزة رضي اللَّه عنه مقتولًا في كساءٍ مبقورًا بطنه مجدوعًا أنفه، فبكى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤)، وقال للشهداء: "زمِّلوهم بدمائهم وكلومهم (٥) وقدِّموا أكثرَهم قرآنا" (٦).
وصلى على حمزة سبعين صلاةً (٧)،. . . . . . .
(١) في (أ): "عن وجهه".
(٢) رواه البخاري (٤٠٧٣)، ومسلم (١٧٩٣)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه. ورواه البخاري (٤٠٧٤) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنه.
(٣) في (ف): "وفيه".
(٤) "عليه" ليس في (أ) و (ف).
(٥) "وكلومهم" ليس في (أ).
(٦) رواه بنحوه البخاري (١٣٤٦) من حديث جابر.
(٧) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤٤١٤) من حديث ابن مسعود رضي اللَّه عنه.