وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} يومًا للمؤمنين ويومًا عليهم، وذلك للامتحان، قال تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} الأنبياء: ٣٥، وقال تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} الأعراف: ١٦٨.
قال: فإن طعن طاعنٌ من الملحدين فقال: يقول اللَّه تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} محمد: ٧، وقال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ} آل عمران: ١٦٠، فإذا نصرتُم دينه فلمْ ينصركم فقد أَخلف (١)، وإن نصركم وغلبكم عدوُّكم مع نصره فذلك (٢) كذبٌ.
فجوابه من وجوهٍ:
أحدها: أن قوله: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} معناه: إن تنصروا دين اللَّه في الدنيا ينصركم بالحجج في العقبى، قال تعالى: {{إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} غافر: ٥١، وقال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلً} النساء: ١٤١.
وقيل: إن تنصروا دين اللَّه ولم تَعْصُوا اللَّه فيه ينصركم.
وقيل: معناه: إنْ تنصروا دينَ اللَّه جملةً يَنصرْكم.
قال عليه السلام: "لن يغلب اثنا عشر ألفًا من قِلَّةٍ كلمتُهم واحدة" (٣).
(١) في (ر): "وهذا خلف". وفي (ف): "وقد أخلف".
(٢) في (أ) و (ف): "فقد".
(٣) رواه دون قوله: "كلمتهم واحدة" الإمام أحمد في "المسند" (٢٦٨٢)، وأبو داود (٢٦١١)، والترمذي (١٥٥٥)، من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما. وقد اختلف في وصله وإرساله، فقد قال أبو داود عقبه: (الصحيح مرسل). وقال أيضًا في "المراسيل" عقب الحديث (٣١٤): (وقد أُسند هذا ولا يصح). وقال الترمذي: (لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روي هذا =