قوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا}: أي: ومَن يُرِدْ به إعلاء كلمة اللَّه والأجرَ والدرجةَ في الآخرة نُعطه ذلك.
ورُوي أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل: إن الرجلَ يقاتل ليُذكر، ويقاتل ليُرى مكانُه، ويقاتل للغنيمة؟ فقال: "مَن قاتَلَ لتكون كلمةُ اللَّه هي العُليا فهو الذي في سبيلِ اللَّه" (١).
ومعنى وصلِ هذا بالأول: أن مَن قاتَل للدنيا انهزم إذا خاف القتل، ومَن أراد به الآخرة اغتَنم الشهادة.
قوله تعالى: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ}: التكرير للتقرير، والآيةُ وإنْ وردت في القتال فهي عامَّةٌ في كل الأفعال.
* * *
(١٤٦) - {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}.
قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ}: وكم من نبيٍّ قاتل معه ربيون كثير (٢).
قرأ ابن كثيرٍ ونافع وأبو عمرو: {قُتِلَ} (٣) وتمَّ به الكلام؛ أي: وكم من نبيٍّ (٤) قُتل وكان معه ربيون كثيرٌ؛ أي: جماعاتٌ، واحدهم: رِبِّيٌّ، منسوبٌ إلى الرّبَّة وهي الفرقة الكثيرة من الناس، قال حسان بن ثابتٍ:
(١) رواه البخاري (٣١٢٦)، ومسلم (١٩٠٤)، من حديث أبي موسى الأشعري رضي اللَّه عنه.
(٢) "وكم من نبي قاتل معه ربيون كثير" من (أ).
(٣) قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو. انظر: "التيسير" (ص: ٩٠).
(٤) في (أ): "أي كم نبي قتل".