{هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} المطففين: ٣٦، وقال عليه السلام: "الواهبُ أحقُّ بهِبَتِه ما لم يُثَبْ منها" (١).
وقيل: بل الثواب إذا أُطلق يراد به الجزاءُ في الخير، وهاهنا أريدَ به أنه قائم مقام الثواب لعصيانهم (٢)، وهذا كما قال تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} آل عمران: ٢١؛ أي: أقم لهم الوعيدَ بالنار مقام البشارة بالمسارّ.
وقيل: معناه: فجزاكم (٣) اللَّه تعالى على عصيانكم غمًّا على غمٍّ، فالباء بمعنى (على)؛ كما يقال: نزلتُ بفلانٍ؛ أي: على فلانٍ.
وقيل: معناه: غمًا مع غمٍّ؛ كما يقال: ما زلت بفلانٍ حتى فعَل كذا؛ أي: مع فلان.
وقيل: أي: غمًّا متصلًا بغمٍّ، والباء للاتِّصال.
وقال الكلبي: الغمُّ الأولى الهزيمة، والغم الثاني إشراف خالد بن الوليد.
وقال ابن جريجٍ: الغم الأولى هو (٤) حزنهم على ما أصابهم وأصاب أصحابهم، وولجوا شِعبًا فجاء أبو سفيان وأصحابه وأخذوا فم الشعب، فخافوا على أنفسهم كلِّهم الهلاك، فهو الغم الثاني (٥).
(١) رواه ابن ماجه (٢٣٨٧)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ١٨١)، من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عمرو بن دينار، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه مرفوعًا، وإبراهيم بن إسماعيل بن مجمع ضعيف، وعمرو بن دينار لم يسمع من أبي هريرة كما قال البيهقي، والصحيح أنه من قول عمر كما قال البخاري في "التاريخ الكبير" (١/ ٢٧١)، ورواه البيهقي (٦/ ١٨١)، عن عمر موقوفًا بلفظ: (مَن وهب هبةً فلم يُثَب فهو أحق بهبته إلا لذي رحم). قال البيهقي: وهو المحفوظ.
(٢) في (ف): "بعصيانهم".
(٣) في (ف): "فجازاكم".
(٤) "هو" من (أ).
(٥) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ١٥٦) من طريق ابن جريج عن مجاهد.