بمعنى الاستنكارِ لِمَا أنكروه مما أصابهم يومَ أحد من الجَرح والقتل ونحوِ ذلك، والواوُ لعطف جملةٍ على جملةٍ، وهو وصل التقريع بالخطيئة بالتذكير بالنعمة لفرقةٍ واحدة.
وقوله تعالى: {مُصِيبَةٌ}؛ أي: بليَّة أصابتكم، وقولُه تعالى: {قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا}؛ أي: نلتُم من الكفار ضعفَ ذلك، وقال أكثر المفسرين: قَتل الكفَّارُ يومَ أحد من المسلمين سبعين، وكان المسلمون قتلوا من الكفار يوم بدرٍ سبعين وأَسروا سبعين وذلك مِثْلاه.
وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: أصبتُم منهم يومَ بدرٍ ويومَ أحدٍ في أولِ الأمر، فذاك مرتان وهم أصابوا مرةً (١).
وقوله تعالى: {قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا}: أي: قال بعضُكم (٢): كيف هذا؟ ومن أين هذا؟ لمَ غلبونا وهم مبطِلون ونحن محقُّون؟!
وقوله تعالى: {قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}: أي: قل يا محمدُ هو بعصيانكم، ولولاه لنُصرتم عليهم ثالثةً كما نُصرتم أُولَى وثانيةً.
ثم هذا العصيان عند الكلبي: هو تركُ الرماة المركزَ (٣).
وعند قتادة: هو خروجهم من المدينة مع إشارة النبي عليه السلام بالتحصُّن فيها، ورغبتُهم في الجهاد والشهادة (٤).
(١) لم أجده عن ابن عباس، وهو اختيار الزجاج في "معاني القرآن" (١/ ٤٨٨).
(٢) في (أ): "بعضهم".
(٣) انظر: "البسيط" للواحدي (٦/ ١٥٣).
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (٦/ ٢١٥).